هول بيكرهوا الأرزة أكتر من الصليب. الطايفة بتقطع معن، لبنان لأ. - إيلي خوري

 عزيزي الفيديرالي عن حسن نية ومحبة لبلدك،

"الماضي هو من يخبرنا من نحن. من دونه نفقد هويتنا." - ستيفن هوكنغ 

إلك كل الحق يكون بدّك فيديرالية. إذا مش فرد مرّة تقسيم.

بنظرك، أثبت التاريخ مرّة بعد مرّة، إنّو نسبة كبيرة من مواطني بلدك، مسلمين غالباً، علمانيين أو لأ، ما بحياتن كان عندن ذات وجهة نظرك بخصوص البلد المستقلّ العادل المزدهر والعالمي يلّي إنت بتحلم فيه.

يا إمّا عن أوهام قومجيّة عنصريّة (وحدة عربية، بعث، سورية كبرى، محور) أو فوقيّة دينيّة (هلال، مشرق، إيران، داعش، وغيرو). وبكل الأحوال لمصلحة "أخ" ما خارجي بـ "أمّة" ما، بالكاد تعنيلك شي، هيدا إذا عنت، وبنتيجة ما فيا إلا الخراب الكامل والمطلق بكل الأحوال.

بالواقع، معك حق حتى تشكّ إنو هالشي ممكن يتغيّر. خاصةً بعد يلّي صار، وكل ما تسمع أو تشوف نصرالله أو الأسد وفرقتن الموسيقية الّي بتفتح القلب.

معك حق تحسّ إنو ما بقى مستعدّ تبلع هيدا يلّي قادر يدمّر بيتك ويقتلك ويسرقك لآخر ليرة ورغيف ونقطة بنزين، كرمال "أخ" ما آخر مدري وين، وإنت عمرك ما ترجع. وفوق الدكّة، بدّو يصرّخ عليك ويعلّمك التهذيب بالسلبطة والكذب.  

من حقّك تشعر بالغضب من وصفك بانك حملت السلاح إيام الحرب لحماية امتيازات أو دين، مش للدفاع عن بلدك "الوحيد،" والأهم، أسلوب حياتك. بالوقت اللي كان أغلب الباقي عم ينظّر لـ "أمّة" بديلة ما، لا بعمرا انوجدت ولا رح تنوجد، أو لقضيّة كذب بكذب عا نسق علمانيتو. وإنو إسرائيل ما كانت المشكل، بل الذريعة. وإنو المؤامرة الوحيدة (المقلب)، كان عليك.

معك حق تغضب من وصف "المارونية السياسيّة" بأنّا ذات جذور طائفيّة، ومصدر كل الشرور وعدم المساواة. بينما بالواقع لليوم، ثبت إنّا اكتر عدل وديمقراطية وتقدميّة وازدهار من "السياسيّات" الطوائفية الأخرى بمجالات، وأشطف زوم بأشواط.

يُحسبلا أقلّه، أنك كنت أكثر من ٪95 متعلمين، و٪70 طبقة وسطى، ومعدّل دخل من الأعلى بالعالم. وأنك كنت تنتمي لوطن بيديّن وكريم، متطوّر، مش شحّاد عالم تالتوي تافه. كان عندك فائض مش ديون. كنت تتقدّم مش تتراجع، وأقل فساد من معظم الدول، وعلّمت حوكمة واقتصاد لدول تانية.

كنت مستقلّ وصاحب سيادة. كان عندك معاهدة عدم اعتداء مع إسرائيل، وما كانت سفسطات سوريا تعلّق عا إجرك. كان بعدا حدودك حقيقيّة، وكان عندك كل الفرص بالعالم.

هيدا قبل ما الكل يقلبا عليك "مقاومة." من وقتا، وبعدنا لليوم.

إنما،

يلّي ما معك حق فيه، هو إنو كتير من المسلمين، إذا مش معظمن، كانوا أو صاروا متلك، وبيشاركوك الرأي بخصوص نوع البلد يلّي بدّك ياه. وبدّن ياك تعيش بثبات ونبات، مع حبة مسك، ومساواة للكل. بالوقت اللي ديناصوراتك بعدن عم يحضّرولك مشروع 1984 (لعلّو بتكون عن جدّ آخرتك هالمرّة).

يلّي ما معك حق فيه، إنك مش عم تقدر تشوف إنو جوهر المشكلة مش مسيحي ضد مسلم، بما فين العلمانيين. فالصريخ الطائفي، علناً أو إيحاءً، موجود لأنو الدنيي هيك، ولأنو هيدي عدّة الشغل تبعن ليحكوا مع جماهير تخلّفن.

وأكيد، مش لأنوّ "الناس" طائفية أو فاسدة أو بتصرف أكتر من حاجتا، حسب التصاريح الخنفشاريّة وكم أهبل بالثورة.

يلّي ما معك حق فيه إنك مش عم تعرف إنك، كمسيحي، حليفك الأول "لبناني" تاني مش حيالله مسيحي تاني. حتى لو كان إحساسك أحياناً إنو كتير من مواطنيك المسلمين، وبعض المسيحيّين، بيفضلوا عليك أي "أخ" غريب تاني، أو بيولولوا كرمال ضربة كفّ بغزّة، أما الأشرفية تتهدّم، فعمرا ما ترجع. وبعدين أوعى التسييس! يعني أوعى تعرف الحقيقة.

يلّي ما معك حق فيه هو إنك ما عم تلاحظ إنو خلاصة السمّ موجودة بجماعتك، وعند المسلمين كمان، وبين العلمانيين الحقيقيين، هيدا إذا في. إنوّ العلّة الأساس عندك، وببعبدا تحديداً. وإنو رغم كل حروبن عليك عا مدى عقود، هويّ الوحيد يلّي قدر يبيعك ويفوّت الأسد وهلّق الملالي الى عقر دارك.

الخلاصة إنك ما عم تتهاجم أبدًا كـمسيحي، إنما كـ "لبناني". تذكّر مين قتل بشير.

الخلاصة إنو الخطاب السايكس پيكوي أو العثمنجي أو المشرقي الغبي، قدّ ما كان الّي عم يطرحو مهضوم أو محترم، مع كل ما نتج عنّو من صراعات وحروب ومصايب، لخبط سما ربّنا وما بقى الواحد فاهم هو مين.

يلّي ما معك حق فيه هو إنك مش عارف إنو جوهر القصة إنو ما حدا أخد بعين الاعتبار حقيقة أنو هو كان حدا لبناني قبل ما كان حدا مسيحي أو حدا مسلم، وأنو كونو هيك أو هيك، هو لون مش أصل. أمّا "العلماني" يلّي بيشرحلك غير هيك، بيكون كذّاب طائفي كبير.

وإنو هويّة وحدة، بعدة ألوان، أكثر من كافية. خصوصاً هوية بقدم هويتك، ولأرض، بجمال أرضك. وإنو الهويّات الإكسترا، منّا أكتر من أوهام عنصريّة أو دينيّة، بتدمّر كل احتمالات الهويّة الجامعة، والسلام وأي نوع مستقبل. ولكن الأهم إنا بتدمّر نفسا، لأنّا سراب فارغ أصلاً.

وإنت بتبقى. إنت، وتاريخك، وجغرافيتك، وروحك، وثقافتك وبلدك؛ إن كان أصغر أو أكبر، مستقلّ أو محتلّ، بارز، واضح أو مغبّش، صار لك آلاف السنين موجود، وأحيان كتيرة بنجاح منقطع النظير. رغم كل الأديان والغزوات والأيديولوجيات والموجات والتفاهات، وخاصّةً، رغم كل الغيرة والحقد من جيرانك. ورغم كونك، بشكل غريب وبدون وجه حق، مرفوض أو حتى مكروه من عدد كبير من ناسك، عن غباء أو حقد ما بتفرق.

عزيزي الفيديرالي عن حسن نية ومحبة لبلدك،

الفيديرالية رح تكون كأنك حابس حالك مع خيّك المهستر والمسلّح بأوضة panic room، وتارك باقي بيتك الرائع لعصابات المهسترين التانيين. والشرطة مش جايي.

روح دغري للتقسيم. تقسيم مع إيران، مع بشار، مع كلمة مقاومة. تقسيم مع الممانعة وتفاهتا وإجراما. تقسيم مع التخلّف والتعتير. تقسيم مع الغيرة والحقد.

دستورك هوّي حدود دولتك. خلّي يلّي مش عاجبو دستورك وتاريخك، مسلم، مسيحي، علماني أو ملحد، هوّي الّي يهرب برّات حدودك أو ينقبر يسدّ نيعو الى الأبد، مش إنت.

دستورك هو الحدود المستباحة الّي لازم تنضبط أولاً. ويلّي مش عاجبو يدقّ راسو بالحيط أو ينقل عا طهران أو الشام، وإذا أصرّوا تجّار الدم المحلّيين والأجانب، يا يروحوا معن، يا ينقلعوا يعملولن مخيّمات ممانعة عندن بباريس أو واشنطن، هيك هيك معوّدين عالشحادة والإعاشات.

ولأ بشير مش حسن ولا أنطون؛ ورياض ورينيه ورفيق وسمير وجبران وجورج وبيار ومحمد وغيرن ما ماتوا بحادث سيّارة؛ ولقمان مش متل الحزب. ويلّي بيقلّك غير هيك، طرقو كف هرّلو سنانو قدّام الناس.

ما تصدقّ إنّن ربحوا. هنّي الخسرانين دايماً، هنّي وياسر وحافظ وبشار، لأنوّ تاريخك وثقافتك ورسمالك كتير أهمّ وأروع من كل حالتن التافهة الموقّتة، ولو طوّلت.

دستورك في كل شي. دستورك ميثاق، دستورك علماني، ضامن لحريّتك وقرارك، لامركزي جداً، ديمقراطي، عادل، تقدّمي والأهمّ، محايد. وشو بدّك بكل لتّ الحكي الفارغ تبع الممانعة، أو كذّابين عون ومنتحلي الثورة.

إقراه ولو مرّة، وناضل تيُحترم ويتنفّذ ولو بالضغط، لأنو هيك بتوصل لآخر النفق، مش بفتح نفق جديد.

ونصيحة، ما تحكم عا حدا بدينو، وإنما بعملو، تذكّر جبران.

وأخيراً، ما تتذكر بس "مين" قتل بشير (وكل الباقيين) تذكر "ليش" قتلوه.

هول بيكرهوا الأرزة أكتر من الصليب. الطايفة بتقطع معن، لبنان لأ.


eli khoury - ٢٨ - ت١ - ٢٠٢١ 

https://www.facebook.com/usual.suspect.00/posts/2006221762861048 

Comments

  1. #هول_بيكرهوا_الأرزة_مش_الصليب
    #هول_بيكرهوا_الأرزة

    ReplyDelete

Post a Comment

Popular posts from this blog

٤ آب - مسؤولية حزب الله عن جريمة الحرب / نديم بستاني

حرب أوكرانيا وآثارها على لبنان: حذار من التطوّرات القادمة في الشرق الأوسط (6) - السفير د. هشام حمدان